بنغازي 8 مايو 2025 (الأنباء الليبية) – على طريق العودة من المدرسة، جلس المواطن مفتاح خلف مقود سيارته القديمة، وأحفاده الثلاثة يحيطون به في المقعد الخلفي. لم تكد السيارة تتوقف أمام أحد محلات الخضار في ضاحية سوق الجمعة حتى ارتفعت أصوات الأطفال مبتهجين: “جدو، دلاع ! نبو دلاع “
أثار مشهد رؤية فاكهة الدلاع في غير موسمه الطبيعي قلق الجد مفتاح وأصبح في حيرة بين رغبة أحفاده وتخوفه على صحتهم ومدى سلامة استهلاكه.
تحذير من البذور المهجنة
من جانبه أوضح سامي الحراري، المدير التنفيذي لمنظمة “سدر” التطوعية ومؤسس الجمعية الليبية للبذور الأصلية، أن ما يُعرض حالياً في الأسواق من دلاع وشمام، يثير القلق، ليس فقط لتوقيته المبكر، بل لطبيعته المهجنة.
وقال في تصريح لـ(الأنباء الليبية): “جميع هذه الأصناف مصدرها بذور مهجنة تابعة لشركات، كثير منها تخفي خلف واجهات عربية وأجنبية، بينما تعود في الأصل لشركات إسرائيلية هدفها تدمير البذور الأصلية في كل بلد.”
وبيّن الحراري أن هذه الشركات تهجّن البذور خصيصاً لتنتج ثماراً مغرية بصرياً: شكل متناسق، حجم كبير، لون لبّ داكن، نسبة سكريات مرتفعة، وقشرة سميكة تتحمّل النقل. لكن لتحقيق هذه المواصفات، تُستخدم مركبات كيميائية ومبيدات ومغذيات صناعية بكميات ضخمة.
وأضاف: “في ظل غياب الرقابة، تُستخدم هذه المواد من قبل عمال وافدين لا يفقهون ضررها، ما يجعل نسبة المتبقيات الكيميائية داخل الثمار مرتفعة وخطيرة على الصحة.”
الزراعة تحت البلاستيك
وأكد الحراري أن هذه الثمار لا تنمو بشكل طبيعي، بل تُزرع مبكراً تحت أغطية بلاستيكية وتُغذى بأسمدة خاصة لتحقيق إنتاج سريع، بما يضمن الربح السريع للتجار والمزارعين، قبل حلول الموسم الطبيعي الذي يبدأ – بحسب الطقس الليبي – في أواخر يونيو أو بداية يوليو.
رقابة محدودة وتحذيرات رسمية
من جهته، قال محمد الزايدي من مكتب الرقابة على الأغذية والأدوية، إن البطيخ المتداول حالياً في الأسواق – وخصوصاً القادم من مدينة سبها – تم التأكد من مطابقته للمواصفات خلال الأسبوع الماضي بناءً على عينات أخذت من سوق الخضار المركزي.
لكنه أشار إلى أن المنتجات المعروضة في المحلات الأخرى والأسواق الفرعية لم تتم متابعتها بعد.
وأضاف الزايدي: “تناول الفواكه غير الناضجة أو المزروعة بشكل مبكر قد يؤدي إلى حساسية أو تسمم أو إسهال، وخاصة عند الأطفال وكبار السن.”
بين موسمية الغذاء وصحة المستهلك
في الوقت الذي تُغري فيه الألوان اللامعة والأحجام الكبيرة أعين المستهلكين، يدعو مختصون إلى العودة للبذور الأصلية والممارسات الزراعية الطبيعية، التي تعتمد على التربة العضوية والمواسم الطبيعية، ما يضمن منتجاً صحياً وآمناً.
(الأنباء الليبية) تقرير / أحلام الجبالي