طرابلس 23 مايو 2025 (الأنباء الليبية) – وصف رئيس المنظمة الليبية للحوكمة، عبد الرحيم الشيباني، الأحداث التي شهدتها العاصمة طرابلس الأسبوع الماضي بأنها “بالغة الخطورة”، مشيرًا إلى أنها “عصفت بجميع مناحي الحياة، بما في ذلك المرافق العامة والمدارس والجامعات”، بالإضافة إلى تعريض المدنيين لمخاطر الاشتباكات المسلحة، وما صاحبها من إطلاق نار واستخدام للأسلحة المتوسطة والثقيلة داخل الأحياء السكنية.
وأضاف الشيباني في تصريح لوكالة الأنباء الليبية (وال)، أن هذه الأحداث المؤسفة عطّلت الحياة اليومية بشكل كبير، وعرقلت حركة التجارة وكافة نواحي الحياة الطبيعية، باستثناء بعض المناطق التي لم تصلها القذائف والرصاص.
وأوضح أن هذه الأحداث لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت نتيجة مباشرة لصراعات بين مراكز قوى، سواء تلك التي تتخذ شكلًا رسميًا، أو التشكيلات المسلحة التي لم تُؤَسَّس على عقيدة وطنية أو قانونية أو أمنية حقيقية.
وأكد أن هذه التشكيلات، التي تتخفى أحيانًا خلف غطاء رسمي، سرعان ما تتكشف حقيقتها، إذ نجد أنفسنا أمام مجموعات مسلحة تخضع لقيادة أفراد قد يختفون في أية لحظة، فتنهار معها هذه الكيانات وتسقط معها صفاتها الرسمية.
وشدد الشيباني على أن هذه الأجسام المسلحة هي نتيجة مباشرة لضعف الدولة وعجز السلطات، سواء كانت تنفيذية أم تشريعية، عن خلق حالة جديدة تُمهّد للاستقرار، مؤكدًا أنها لا تؤدي دورها الحقيقي في إدارة الدولة أو مواردها أو تقديم الخدمات للمواطنين، ناهيك عن فشلها في التعامل مع القضايا المصيرية، لا سيما المتعلقة بالوطن والمناصب السيادية، وعجزها عن مجابهة التحديات الإقليمية والدولية.
وفي سياق متصل، رأى رئيس المنظمة الليبية للحوكمة أنه بات من الصعب على حكومة الوحدة الوطنية الاستمرار، بغضّ النظر عمّن يقودها، نظرًا للمشكلات التي غرقت فيها، وحالة التفكك التي تعيشها، وعجزها عن إعداد ميزانية موحدة أو إنهاء حالة الانقسام الحكومي والمؤسساتي.
وأضاف أن مقومات الاستمرار لهذه الحكومة قد انتفت، سواء في ما يتعلق بتوفير الميزانية، أو السيطرة على المؤسسات، أو مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، فضلًا عن فقدان المواطن ثقته بها، خصوصًا في ملفات حساسة كالتوطين والتطبيع، التي عجزت الحكومة عن معالجتها أو اتخاذ أي خطوات تطمئن المواطن إلى أنها تقوم بدورها بشكل فعّال.
وأشار الشيباني إلى أن هذا الوضع لا يعني أن الأجسام السياسية الأخرى قادرة على الاستمرار، بل إنها من بين الأسباب الرئيسية لحالة التفكك والانغلاق السياسي، وعجزها عن اتخاذ قرارات تأسيسية، على رأسها إعداد الدستور، الذي لم تبدأ فيه حتى الآن.
وأضاف أن خروج المواطنين مؤخرًا إلى الشوارع والتعبير عن رغبتهم في إقالة الحكومة، يضع الجميع أمام ضرورة البحث عن حلول تلبّي تطلعات الشارع الليبي.
ودعا إلى تكثيف الجهود لمنع أي تصعيد في الشارع، محذرًا من أن المظاهرات قد تخرج عن السيطرة، وتتحول إلى حالة من الفوضى والدمار والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.
ولاحظ الشيباني وجود محاولات لتشكيل حكومة جديدة من خلال مجلس النواب، تمثلت في تداول أسماء مرشحين لرئاسة الحكومة، وكذلك محاولات من المجلس الرئاسي، إلا أنه أعرب عن اعتقاده بأن هذه المحاولات لن تُكتب لها النجاح ما لم تتوافق مع المسار السياسي الليبي الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة، وما صدر بشأنه من قرارات عن مجلس الأمن، بناءً على نصوص الاتفاق السياسي في جنيف أو الصخيرات.
وأكد أن أي محاولة لتجديد السلطة التنفيذية يجب أن تخضع لنصوص هذه الاتفاقات، لضمان قبولها من جميع الأطراف، موضحًا أن “الأطراف المحلية” المعنية تشمل بالدرجة الأولى المؤسسات التي ستتعاون مع الحكومة المقبلة، وأهمها مصرف ليبيا المركزي والجهاز القضائي.
ورأى أن الحل يكمن في الضغط على البعثة الأممية لنشر مخرجات اللجنة الاستشارية، التي تم إنجازها قبل نحو أسبوعين، وتتضمن من ضمن بنودها تشكيل حكومة جديدة، داعيًا إلى الشروع في إجراءات عاجلة تتماشى مع طبيعة المرحلة الاستثنائية التي تمر بها البلاد، بما يضمن توافق جميع الأطراف.
واختتم الشيباني تصريحه بالتأكيد على أن بعثة الأمم المتحدة مطالبة بالإعلان عن هذه المخرجات، والبدء بمسار سريع، خاصة أن المحاولات المنفردة التي أطلقها كل من مجلس النواب، والمجلس الرئاسي، والمجلس الأعلى للدولة، قد لا تلقى النجاح، نظرًا لعدم انسجامها مع نصوص الاتفاق السياسي، بالإضافة إلى احتمال عدم قبولها إقليميًا أو دوليًا، كما حدث في محطات سابقة. (الأنباء الليبية – طرابلس) هــ ع
إعداد: ساسية اعميد