بنغازي 09 يونيو 2025 ( الأنباء الليبية ) – بينما كانت السيدة إيمان تحتفل في بعيد الأضحى، في ثاني أيامه، تعرض طفلها آدم (12 عاما) لعضة كلب ضال قرب منزلهم في حي بوعطني بمدينة بنغازي.
سارعت الأم القلقة بنقل ابنها إلى أقرب مستشفى عام، على أمل الحصول على اللقاح في الوقت المناسب، لكن سرعان ما بدأت رحلة مريرة كشفت هشاشة الواقع الصحي.
-مستشفيات بلا استجابة
في كل مستشفى قصدته، كانت الأم القلقة تواجه العبارة نفسها: “اللقاح غير متوفر”، الطبيبان المناوبان في مستشفيين متتاليين منحاها تحويلل روتينيا دون فائدة، والثالث لم يختلف عنهما، تقول إيمان: “توسلنا، وانتظرنا، بلا نتيجة.. شعرت بالعجز، وكأننا في سباق مع الموت”.
-ساعات خطيرة وثمن مرتفع
كل دقيقة تأخر تضعف فرص الشفاء، فداء الكلب القاتل يتطلب اللقاح خلال الساعات الأولى، عند منتصف الليل، وجدت الأسرة اللقاح التجاري في صيدلية خاصة بسعر 900 دينار ليبي، تؤكد إيمان: “دفعتُ المبلغ باستخدام بطاقة إلكترونية، لكن ظلّ السؤال يؤلمني: ماذا لو لم نملك هذا المال؟”.
-فيروس قاتل لا ينتظر
داء الكلب يعد من أخطر الأمراض الفيروسية عالميا، كما أوضح رئيس قسم جراحة الأطفال بـمركز بنغازي الطبي موسى محمد الهجين قائلا: “الفيروس يُهاجم الجهاز العصبي وينتقل عبر اللعاب، إذا وصل الدماغ، تصبح الوفاة حتمية”. ويؤكد أن “انتظار نتيجة فحص الكلب المصاب خطأ قاتل”.
-غياب المصل واللقاح خطر مضاعف
أخصائي الجراحة العامة والمناظير بـمستشفى الشهيد محمد المقريف في أجدابيا خليفة اقويدر، أشار إلى أن “اللقاح وحده غير كاف؛ فالمصل يوفر حماية فورية. غياب أحدهما يعرّض حياة المصاب، خاصة الأطفال، لخطر بالغ”.
-اللقاح موجود لمن يدفع
في الصيدليات الخاصة، يتوفر اللقاح بأسعار تفوق إمكانيات الأسر، كما بين الصيدلاني عزالدين البرغثي، “حيث أن ثمن الجرعة يثقل كاهل المواطن، مطالبا الدولة بضرورة تأمينه عبر جهاز الإمداد الطبي بشكل مجاني ومنتظم”.
ما حدث مع إيمان يتكرر بصمت في بيوت ليبية كثيرة، أزمات نقص أدوية السرطان، وغياب لقاحات الطوارئ، ليست إلا أعراضا لنظام صحي مترهل يعاني من الفساد والإهمال وسوء الإدارة، وسط انقسام سياسي يجعل الحصول على العلاج رفاهية لا يملكها الجميع.
-لقاح الطوارئ مفقود
أعرب مواطنون التقتهم صحيفة الأنباء الليبية، عن استيائهم من غياب لقاح الطوارئ في المستشفيات، مؤكدين أن اللجوء للقطاع الخاص ليس خيارا متاحا للجميع، أحدهم قال: “ابني تعرض لعضة كلب، ولم نجد اللقاح إلا بثمن باهظ”.
-داء لا يمنح فرصة ثانية
داء الكلب هو مرض فيروسي مميت ينتقل إلى الإنسان عن طريق لعاب الحيوانات المصابة، وغالبا ما يحدث الانتقال عبر العض، يعد هذا الفيروس من أكثر الفيروسات خطورة، إذ يؤدي إلى الوفاة في أغلب الحالات بمجرد ظهور أعراضه، ما يجعل التدخل المبكر والتطعيم الوقائي أمرا بالغ الأهمية.
في الولايات المتحدة، تُعتبر الخفافيش، الثعالب، الراكون والظربان من الحيوانات التي يحتمل بشدة أن تنقل العدوى، بينما تعد الكلاب الضالة السبب الرئيسي للإصابة في البلدان النامية، نظرا لانتشارها الكبير وغياب برامج التحصين الفعالة.
عند دخول الفيروس إلى جسم الإنسان، قد لا تظهر أعراض مباشرة في البداية، بل تبدأ بأعراض تشبه الإنفلونزا، مثل الحمى والصداع والغثيان، وقد تستمر هذه المرحلة لعدة أيام.
ومع تقدم الحالة، تتطور الأعراض بشكل حاد وخطير لتشمل الهياج، القلق، الارتباك، فرط النشاط، وصعوبة البلع، كما قد يعاني المصاب من فرط إفراز اللعاب، والخوف من الماء أو الهواء نتيجة الألم الشديد عند البلع أو الشعور بهبوب الهواء.
في مراحل متقدمة، قد يصاب المريض بالهلوسة، الأرق، ثم الشلل الجزئي الذي يسبق عادة الوفاة، ونظرا لخطورة الفيروس، فإن أي شخص يُحتمل تعرضه للعض أو اللعاب من حيوان مصاب يجب أن يتلقى اللقاح فورا، إذ إن داء الكلب لا يمنح فرصة ثانية بعد بدء الأعراض. (الأنباء الليبية) س خ.
– متابعة: أحلام الجبالي