القبة 11 أكتوبر 2018 (وال)- أكد فخامة رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح عيسى، دعمه تحقيق المصالحة بين الليبيين، واستخدام كل ما يملكه من قوى التأثير بين المكونات الليبية، لتحقيق المصالحة على مختلف الأصعدة.
هذا وجاءت تصريحات فخامته – خلال حوار مع مركز الأداء الاستراتيجي التي تتخذ من العاصمة الإسبانية مقرًا لها – التي تحدث فيها عن سُبل إنهاء الأزمة القائمة في ليبيا، وإلى قضايا مهمة كالمصالحة، وأسباب عدم منحه الثقة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المرفوضة فايز السّرّاج.
وقال فخامته إن “مجلس النوّاب هو جهة شرعية تمّ انتخابها من قبل الشعب الليبي مباشرةً وهو – البرلمان – الذي يُمثّل الليبيين بمختلف توجّهاتهم ورؤاهم، وبالتّالي يقوم المجلس بعديد من الاستحقاقات الوطنيّة الّتي يتطلّع إليها الشّعب الليبيّ، ومن هذا المنطلق فإنّنا مجلس لا نعمل فقط جهة تشريعيّة، بل أيضًا و«لـلخصوصيّة الليبيّة» نسعى إلى دفع الفعاليات الليبية مثل : الحكماء والأعيان وشيوخ القبائل وغيرهم من قادة الرأي العام في ليبيا، بحسب تأثيرهم في محيطهم السياسي والاجتماعي، وذلك من خلال هيأة تقصّي الحقائق أو المصالحة التّابعة للمجلس، وبهذا فإنّنا جهة تشريعيّة تختصّ بإصدار القوانين التشريعية، ونظرًا لظروف البلاد أيضًا يستخدم الجوانب المتاحة في حل الخلاف الليبي وهذا موثّق”.
وأضاف فخامته أن “مجلس النّوّاب جهة تشريعيّة يسعى إلى تحقيق مطالب الشّعب الليبيّ، خاصّة تلك المتعلّقة بإقامة أسس الدّولة الفّعليّة كالفصل بين السّلطات، والتداول السّلميّ للسلطة، وتطبيق القانون، وكلّها أمور نادت أيضًا بها ثورة فبراير”.
وأشار فخامته إلى أن “دولة المؤسّسات الّتي أشرت إليها لا تقوم إلّا على أسس دستوريّة وقانونيّة سليمة، فالشعب الليبي انتخب هيأة صياغة الدستور؛ وهي معنيّة بإعداد مسوّدة مقترحة لدستور دائم، وهذا ما حدث بالفعل، حيث اعدّت هذه الهيأة دستورًا مقترحًا للشّعب الليبيّ وقدّمته لمجلس النّوّاب، وهو بدوره – البرلمان – لا يستطيع أن يقبل أو يعتمد الدستور إلا بعد عرضه على الشعب، فدوره إصدار قانون يتعلّق بالاستفتاء على الدستور فقطّ، والشّعب هنا هو الوحيد المخوّل بذلك وهي قاعدة قانونية واضحة”.
وأوضح فخامته أن “المجلس تأخّر في إصدار أو اعتماد قانون الاستفتاء، وذلك نتيجةً لبعض الخلافات بين أعضائه، وهو أمر طبيعي ومنطقي في عُرف البرلمانات، غير أنّه هنا قد جاء الاحتجاج من قبل « إقليم برقة »؛ الذي رفض المقترح والدستور بالكامل، معلّلًا أنّ عدد سكّان برقه أقلّ من إقليم طرابلس، وبالتّالي آلية التصويت ستكون مجحفة في حقهم، ومن هنا بدأ الجدال والنّقاش الذي أخذ شكلًا طويلًا، غير أنّه تمّ الاتفاق في نهاية المطاف على اعتماد ليبيا ثلاث دوائر انتخابية وهي : فزّان، برقة، طرابلس، وتكون الموافقة في كلّ إقليم على حدّ لأي قضيّة أو مسألة على موافقة 50+1 في كلّ إقليم.
وتابع فخامته : “يأتي ذلك بهدف تساوي الأصوات ما بين الأقاليم الثّلاثة، وبالفعل فقد عقد المجلس جلسة بالخصوص، ولكن ونتيجةً للخلاف القائم بين الأعضاء لم يتم اعتمادها وتأخّر ذلك، وهنا طالبنا من اللجنة الاستشارية بالمجلس؛ أن تبدي رأيها بالخصوص، ولكن اعتذرت اللجنة، طالبنا حينئذٍ الإحالة إلى اللجنة القانونية التّابعة للمجلس التي بالفعل وافقت على الرأي الذي قدّمته مكتوبًا، وينصّ على « تقديم توقيعات وموافقات مبدئيّة»؛ يتمّ تضمينها لمعرفة الموافقين على مشروع الاستفتاء على الدستور، وضمان عدم عرقلتهم في أثناء الطرح من جديد، وبالفعل هذا ماحدث فإنّ التوقيعات الأخيرة ما هي إلّا طلب لعقد جلسة حول مناقشة تعديل الدّستور، وقانون الاستفتاء بعدما أن وقّع ما يقارب عن 130 عضو بالموافقة من أصل 210 عضو”.
وحول انتقادات بشأن التصويت على عقد جلسة لمناقشة مسألة قانون الاستفتاء وبتعديل الدستور من خلال الفيسبوك أو الاتصال المباشر، قال فخامته : “هناك خلط؛ ما حدث ليس تصويتًا، ولم يكن هناك تصويت أصلًا، بل ما حدث هو تقديم مقترح ووافق عليه عدد من النّواب، وهو قد قدّم كتابيّاً، ويجوز أن يقدّم حتّى شفويًّا وهذا شيء دارج في رعف البرلمانات وليس بالأمر بالغريب، وأمّا مسألة التصويت على قانون الاستفتاء أو التعديل الدستوري، فهي لا تتمّ إلّا من خلال إبداء النواب بمختلف توجّهاتهم ورؤاهم داخل قبة البرلمان”.
وبشأن العقوبات التي جددها الاتحاد الأروربي حول فخامته، صرح فخامته : “قبل العقوبات؛ يجب الإشارة إلى أنّ هناك تدخّلات خارجيّة أيضًا، وفي السّياق ذاته أطماع داخلية تتمثّل في عدم إيجاد صيغة توافقية، واستمرار حالة الخلاف وبقاء «الوضع كما هو عليه»، وهو كما قلت هي انعكاس لحالة استمرار الفوضى، لتحقيق منافع ومكاسب ضيّقة، ونوع العقوبات هذه نوع من التّدخّل” .
وتابع فخامته : “بخصوص العقوبات الشخصية؛ أنبّه أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنصّ، ولا عقوبة إلّا بناءً على ارتكاب جرم، وهنا رئيس البرلمان لم يرتكب جُرمًا بل على خلاف من ذلك؛ نحن نبذل الجهود السياسية والقانونية والدستورية من أجل حلّ الخلاف بيننا، وأما الخلاف فهو قانونيّ ودستوريّ وليس سياسيًّا”.
وتابع فخامته : “هنا أكرّر أنّ رئيس مجلس النواب؛ لم يرتكب جرمًا لكي تفرض عليه عقوبات، إلّا لكونه عضوًا بمجلس النواب، وعندما قُدّمت حكومة الوفاق بقيادة فائز السراج؛ كنت من ضمن رافضي هذه الحكومة، باعتبار أنّني أرى أنّها ضعيفة ولا يمكنها قيادة ليبيا في هذه المرحلة الصعبة التي تمرّ بها البلاد، وهذا ما حدث بالفعل، فالحكومة لها ما يقارب عن عامين، لم تتمكّن من إنجاز استحقاق مهم؛ وهو بسط الأمن وتوحيد مؤسسات الدولة”.
وتحدث فخامته بشأن سؤال حول فرض عقوبات على فخامته كونه يحظى باحترام اجتماعي كبير، ولذلك يرى « الاتحاد الأوروبي » أنه يملك القدرة الاجتماعية على تغيير كثير من المواقف، قائلًا: “نعم أنا عضو بمجلس النواب كبقية الأعضاء، وليس لديّ تأثير على النواب الّذين لديهم رؤى وتوجّهات تختلف فيما بينها، وهي ظاهرة صحية، ولكن على الصعيد الاجتماعي فنعم لديّ هذه الكريزما؛ وهي نعمة وهي مبنية على تاريخ أحمد الله عليه، ولكن لا يمكن أن أفرض شيئًا على الليبيين، بالعكس من ذلك فقد قمت واجهة اجتماعية بحلحلة عديد من الأمور الاجتماعية والسياسية في ليبيا، وتواصلت مع عديد من النُخب وقيادات الفعاليات الاجتماعيّة، ولعلّ أزمة طرابلس الأخيرة كان لها دور في حل وتقريب وجهات النظر”.
وشدد فخامته قائلًا “مازلت أدعو إلى تحقيق المصالحة بين الليبيّين، وأستخدم كل ما أملكه من قوى التأثر بين المكونات الليبية لتحقيق المصالحة على مختلف الأصعدة”.
وبالعودة لملف مسألة العقوبات على فخامته، تحدث فخامته “بالرّجوع لمسألة العقوبات؛ فهي كما قلت وأسلفت لك؛ ليس لها أساس قانوني، بل أوجدت من أجل ليّ ذراع المستشار عقيلة صالح، بهدف الموافقة على منح ثقة لحكومة السراج، وهو موقف قانوني ودستوري إذًا، وليس خلافًا شخصيًّا، لذلك ما عزز موقفي الشخصي الذي يستند لضوابط ومعايير قانونية ودستورية، وإن من دعم (حكومة الوفاق) الوطني من نواب وغيرهم، قد رجع عن موقفه مستندًا للأسباب والحجج القانونية نفسها التي أستَنِدُ إليها، أي ما يقارب عن 80 % منهم اقتنع بذلك”.
وخاطب فخامته الاتحاد الأوروبي بشأن تجديد العقوبات قائلًا : “على الاتحاد الأوروبي أن يعيد النظر فيها؛ خاصة أنها ذات بُعد سياسي وليس قانونيًّا كما قلت، والعقوبات تُفرض على جرم، وأنا شخصيًّا رجل قانوني ودستوري لم أرتكب ما يعيق القانون والتوافق الليبي، ناهيك عن أنّ التزامي باللوائح والقوانين هو جزء مهم في تكوين الدولة”.
وتابع فخامته : “شخصيّاً أنا رجل أؤمن بالانتخابات والتداول السلمي للسلطة، وقد سُئلنا نواب مفوضية الانتخابات لإجراء الانتخابات والمعوقات هي جزء من الخلاف الليبي وليست مستحدثة”.
وحول الأحداث الأخيرة في مدينة طرابلس، قال فخامته : “بكلّ وضوح وصراحة اعتقد أن هذه الأحداث والاشتباكات الدامية يتحمّلها بالدرجة الأولى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، كونه أعطى وشرعن تلك المجموعات المسلحة واحتمى بها داخل العاصمة، ولم يعمل على تفكيكها وإنهائها، وهذا أيضًا ينصب في مجمل المواقف التي تبنّيناها من حكومة الوفاق الوطني”.
وأضاف فخامته : “مجلس النّوّاب قد أصدر منذ تولّيه مهامّه التشريعيّة في عام 2014، قرارًا بحلّ تلك التّشكيلات المسلّحة، كما صنّف جزءً منها تشكيلات إرهابيّة نتيجة الانتماءات الأيديولوجية المتطرفة، كما طالب المجلس عديدًا من المرّات؛ بإنهاء تلك المجموعات المتطرفة والمسلحة، وإنهاء وجودها بالعاصمة التي للأسف أخذت طابعًا شرعيًّا نظرًا لسياسات سيئة، وارتجالية اعتمدتها حكومة الوفاق الوطني”.
وأوضح فخامة رئيس مجلس النواب بشأن ما يتردد حول رفض فخامته مقابلة خالد المشري رئيس ما يسمى بمجلس الأعلى للدولة، الأخير الذي طلب القدوم إلى مقر البرلمان في طبرق ومقابلة فخامته لإيجاد أرضية لحل الأزمة الراهنة، قائلاًا: “أوّلًا نحن لسنا ضدّ أيّ مشروع مصالحة وتهدئة بين الليبيّين، ونحن نقف ونشجّع ولدينا عديد من المواقف الّتي قد لا يسع المكان لشرحها في هذه المقابلة، غير أنّني أؤكّد أنّه من حيث المبدأ ومن الناحية العرفية أيضًا؛ فنحن لا يمكن أن نصدّ أو نرفض مقابلة الخصم مهما كان بيننا، فالوطن يستحقّ كثيرًا من التنازلات، وكما قلت نرفض العيش دون ليبيا واحدة”.
وتابع فخامته : “هناك أسس قانونيّة ودستوريّة وهي مهمّة، فمن الناحية القانونية مسمّى «رئيس المجلس الأعلى للدولة» لا يوجد، كون مجلس النواب لم يعتمد الاتفاق السياسي، والتعديل للإعلان السياسي الذي ينص على أنّه بمجرّد أن يعتمد مجلس النواب الاتّفاق السياسي، يتمّ تسمية اسم رئيسه بعد 10 أيام من الاعتماد، وهذا ما لم يحدث قط، إذًا هناك خلل قانوني ودستوري، وأيضًا هناك لجنة معنيّة بالحوار منبثقة عن مجلس النّوّاب؛ هي الوحيدة المخوّلة بالتعديل والاتّفاق ومناقشة الاتّفاق السياسي”. (وال- القبة) ع ع/ر ت